إعلان وصف بالتاريخي وفرحة هيستيرية لحظات سبقتها سنوات من التخطيط وصفت قطر تلك الخطوة بأنها مقامرة جريئة ستكلفها أكثر من مئتي مليار دولار، ونالت البنى التحتية حصة الأسد من هذه التكلفة بواقع 140,000,000,000 دولار ملاعب مكيفة وفنادق بمواصفات عالمية وتنظيم على مستوى عال، إنها التكلفة الأعلى في تاريخ كأس العالم ولا مجال للمقارنة بينها وبين النسخ السابقة.
فروسيا مثلا دفعت 20,000,000,000 دولار في آخر نسخة بينما تكلفت البرازيل حوالي 13,000,000,000 دولار فقط حتى قبل أن تفكر قطر في تنظيم كأس العالم، شرعت في تنظيم عشرات المسابقات الدولية في مختلف المسابقات الرياضية، فمن رياضة الخيول إلى سباق السيارات، التنس والسباحة، كرة اليد، الكرة الطائرة والكثير غيرها.
وبينما كانت قطر تستضيف هذه البطولات على الجانب الآخر كانت تبني المؤسسات الرياضية والعين على فريق لكرة القدم بمواصفات عالمية قادر على النهوض بالرياضة الآسيوية إلى مستوى آخر، والرؤية البعيدة لهذه الخطط لا يمكن أن تخفى على أحد، فبعد تنظيم كأس العالم البطولة الأكثر عراقة ونيل كأس آسيا عام 2019، فإن الخطة القادمة يجب أن تكون في حمل 5 كغ من الذهب الخالص.
فما هو مشروع قطر الرياضي لتحقيق الحلم المستحيل؟ وكيف ربحت قطر بطاقة تنظيم كأس العالم؟
استضافة البطولات العالمية:
إنها الخطوة الأولى التي بدأت فيها قطر قبل أن تفكر في تنظيم كأس العالم منذ عام 2010 وحتى اليوم، تمكن هذا البلد الصغير الذي لا تعدو مساحته مساحة محافظة في دول أخرى أن يستضيف أكثر من 600 حدث الرياضي من بينها مئات البطولات الإقليمية وعشرات الأحداث العالمية لتصبح قطر بين ليلة وضحاها قبلة الرياضيين و عاصمة الرياضة العالمية خاصة بعد أن تمكنت من استضافة كأس العالم، لكن قصة استضافة البطولة الإقليمية والعالمية بدأت قبل أكثر من 30 عاما، ففي عام 1988 استضافت قطر كأس آسيا لكرة القدم وفي عام 2004 كانت على موعد مع بطولة العالم لتنس الطاولة. وحتى عام 2010 كانت قطر تستضيف سنويا عددا محددا من البطولات الرياضية لكن في ذلك العام استضافت قطر عددا كبيرا من البطولات، وفي مقدمتها بطولة العالم لألعاب القوات داخل الصالات، وفي العام التالي استضافت أمم آسيا لكرة القدم والتي عرفت بكونها من أنجح النسخ الآسيوية. أما في عام 2012 فقد نظمت أكثر من 47 بطولة على أراضيها منها 36 بطولة دولية وأربع آسيوية بالإضافة للبطولات المحلية، وكان العام الذي يليه من الأعوام الرياضية بامتياز حيث نظمت قطر في ذلك العام أكثر من إحدى و80 حدثا رياضيا 40 بطولة منها على المستوى الدولي. أما في عام 2014 فقد ارتفع عدد البطولات التي أقيمت في قطر إلى 99 حدثا منوعا، وبقيت قطر على هذا الحال حتى يومنا هذا تستضيف سنويا عشرات البطولات الرياضية ولعل البطولة الأبرز التي استضافتها مؤخرا هي كأس العرب والتي كانت بمثابة نموذج مصغر من الحدث الأكبر الذي سيبدأ بعد أشهر معدودة.
كأس العالم قطري:
في كانون الثاني عام 2009 بدأت الدول بتقديم الطلبات لاستضافة كأس العالم لعام 2022. كان هناك خمسة عروض مقدمة وهم من دولة اليابان وأستراليا وقطر وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة. وفي يوم 02-012-2010 اجتمعت اللجنة التنفيذية في الاتحاد الدولي لكرة القدم والمكونة من 22 عضوا في زيوريخ وأعلن حينها الرئيس السابق للفيفا جوزيف سيب بلاتر فوز الدوحة بشرف التنظيم لتبدأ قطر بسباق مع الزمن في بناء الملاعب والبنية التحتية اللازمة مثل الفنادق و وسائل النقل المتطورة تحت الأرض والملاعب والمطارات، واحتاجت لإنهاء هذه المشاريع إلى نحو 1,700,000 عامل مهاجر، ومن الملاعب التي تمكنت قطر من تجهيزها ملعب إستاد البيت بسعة 60 ألفا وهو مبنى على شكل خيمة واستاد أحمد بن علي بسعة 40 ألفا بالإضافة لكل من إستاد الجنوب، استاد المدينة التعليمية، استاد خليفة الدولي واستاد لوسيل والذي يستضيف المباراة النهائية والختامية والذي تبلغ سعته حوالي 80,000 متفرج.
يبلغ إجمالي تكلفة هذه الملاعب نحو ستة مليارات و500,000,000 دولار هذه الملاعب العالمية بالإضافة للتكلفة الخيالية هي جزء من خطة قطر لتكون وجهة رياضية عالمية، لكنه ليس الهدف الوحيد الذي تسعى قطر من أجله.
فما هي مشاريع قطر الرياضية وما هي خطتها للفوز باللقب؟
أكاديميات عالمية و تجنيس اللاعبين:
بعد أن نجحت قطر باستضافة أرفع البطولات الرياضية العالمية، كانت على الجانب الآخر تبني المنشآت والأكاديميات لتخريج جيل رياضي قادر على الوصول بعيدا في كأس العالم، وبدأ هذا الحلم أقرب للحقيقة بعد أن تمكن المنتخب القطري من الفوز بكأس آسيا عام 2019.
لكن كيف تمكنت قطر من بناء هذا المنتخب القوي لنعود بالزمن إلى عام 2003 في هذا العام وضعت قطر حجر الأساس لمشروع المدينة الرياضية الذي يتضمن أكاديمية وملاعب رياضية عالية المستوى وبظرف سنوات تحولت هذه الصحراء القاحلة إلى مدينة الرياضية بمساحات خضراء واسعة وفي عام 2004 افتتحت أكاديمية أسباير وشارك في افتتاحها نخبة من أساطير كرة القدم لإعداد الجيل القادم من الرياضي وكان على رأسهم الراحل دييجو مارادونا والبرازيلي بيليه، وفي عام 2007 افتتحت سبيتار وهو أول مستشفى متخصص في الطب الرياضي في منطقة الخليج.كما أنشأت منظمات أسباير لوجستيكس، ومهمتها إدارة المؤسسات الرياضية وفقا للمعايير العالمية، وفي عام 2008 تأسست أسباير زون لإعداد الكفاءات الرياضية في مختلف الاختصاصات والتي باتت تقدم أرقى الخدمات وتضم مرافق عالية المستوى مثل قبة أسباير.وهي أضخم قبة الرياضية في العالم يوجد فيها 13 قاعة لمختلف الرياضات.
تخرج من هذه الأكاديمية المعز علي هداف آسيا لعام 2019 كما تخرج منها صانع الألعاب أكرم عفيف وهو من أبرز الأسماء التي تلعب في المنتخب القطري و بالإضافة لتأهيل اللاعبين عبر الأكاديميات الرياضية، لجأت قطر إلى تجنيس اللاعبين الموهوبين وكان من أبرزهم اللاعب بيدرو ميجيل برتغالي الأصل والمعز علي من السودان وبسام الراوي من العراق وبوعلام خوخي الجزائري الأصل وعدد كبير من اللاعبين وتماشيا مع هذه الرؤى سعت قطر إلى تحسين الدوري القطري بشكل كبير حيث تحاول دائما التعاقد مع أبرز اللاعبين العالميين بالإضافة للمدربين و لعل من أشهرهم مدرب برشلونة الحالي تشافيه الذي لعب ودرب نادي السد القطري، فهل تفاجئ قطر العالم وتحقق كأس العالم وتستغل الفرصة التي تبدو وحدة ولن تتكرر أبدا بعد أن نجحت باستضافة البطولة.