التعريف:
هو عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان إبن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب أبو المطرف وقيل أبا زيد وأبى سليمان الملقب صقر قريش وعبد الرحمن الداخل وفي المصادر الأجنبية عبد الرحمن الأول.
فر من الشامي في رحلة استمرت ستة سنوات إثر سقوط الدولة الأموية عاما 132 للهجرة وتتبع العباسيين لأمرائها وتقتيلهم. دخل الأندلس وهي تتأجج ب النزاعات القبلية والتمرد على الولاء تاركا لخلفائه إمارة استمرت نحو ثلاثة قرون.
النشأة:
ولد سنة 113 للهجرة في خلافة جده شامة في بلاد الشام عند قرية تعرف بدير حنا وقيل بالعليا من أعمال تدمر. عندما أسقط العباسيون الخلافة الأموية بمساعدة الفرس هدفوا إلى تعقبهم والقضاء عليهم خشية أن يحاولوا استرداد ملكهم ثم أظهروا الندم وأشاعوا أنهم أمنوا من بقي منهم حتى اجتمع بضع و70 رجلا أحدهم أخل عبد الرحمن فأفنوهم وحين بلغه ذلك هرب إلى قرية على الفرات واختبأ بها. وذات يوم دخل عليه ابنه فزعا، وإذا برايات العباسيين في القرية فعمد إلى دنانير تناولها، ثم أعلم أختيه و فر مع أخيه، بعد إذ وشى به عبد من عبيده فتعقبوهم فلم يجدا أمامهما إلا عبور النهر، وإذ هما في منتصفه أغرتهم الشرطة أن يرجعا ولهما الأمان فعاد أخوه فقتلوه بينما نجح هو بالوصول إلى الضفة الأخرى ثم لحقت به أخته أم الأصبغ بمال وشيء من الجواهر. فتوجه بالمولين صوب إفريقيا التي استغل واليها سقوط الدولة الأموية ليستقل بحكمها وخشي من ظهور الفارين من المشرق على ولايته فتتبعهم وقتل منهم ابنين للوليد بن يزيد. لذا ظل عبد الرحمن يتنقل من مكان إلى آخر خمس سنين بدء من نزوله على أخواله بني نفزه. وهم من أمازيغ طرابلس ثم مكناسة وقيل مغيلة حيث أواه أبوه قر لمغيل لحمايته ثم منها إلى قوم من زناتة منازلهم قرب البحر في سبتا.
وفي عام 136 للهجرة أرسل إلى موالي بني أمية في الأندلس يطلب عضهم وتمهيد لدخولها فأجابوه، وعرضوا الأمر على الصميل بن حاتم غير أنه خشي على نفوذه لأنها كانت حينئذ تغلي بسبب النزاعات المتواصلة بين القبائل المضرية واليمانية، فوافقت دعوته أمنية اليمانية المدفوعين بالرغبة في الثأر لهزيمته من أمام الفهرية و القيسية في موقعة الشقندة. فاحتشدوا لنصرته وأرسل زعمائهم مركبا عبر به إلى الأندلس فوصل إلى ثغر المنكبة عام 138 للهجرة.
بعد أن دخلها أتاه أبو عثمان وسار به إلى منزله في حسن فرش الذي أصبح مركزا لتجمع أنصاره حين بلغ خبر وصوله و تجمع الناس حوله إلى يوسف الفهري وعدم قدرة عامله في البيرة على تفريقهم نصحه الصميل بوجوب التوجه فورا لملاقاته. فجمع جيشا وانطلق نحوه.
علم عبد الرحمن فتحرك بجنوده وأخضع كافة المدن في طريقه حتى إشبيليا التي استولى عليها وبايعه أهلها، ثم حاول مباغتة الفهري ومهاجمة قرطبة ليستولي عليها، وحاول يوسف أن يغريه لينصرف بأن وعده بالمال وأن يزوجه إحدى بناته إلا إنه رفض. وفي الليل، حاول أن يسبق بجنده جيش يوسف خلسة إلى قرطبة، لكن يوسف علم بذلك، فسار الجيشان بمحاذاة النهر إلى أن انحسر الماء عند المصارة يوم الأضحى 10 من ذو الحجة لعام 138 للهجرة. فعبر جيش عبد الرحمن ودارت المعركة التي انتهت بنصره فدخل قرطبة وأدى الصلاة في مسجده الجامع وبايعه أهلها على الطاعة.
نظام الحكم:
اتبع عبد الرحمن الداخل سنة أسلافه من الأمويين في نظام الحكمة فاتخذ حجابا ولم يتخذ وزراء واحتفظ دوما بمجموعة من المستشارين أغلبهم ممن استقبلوه وناصروه في بداية عهده وقاتلوا معه وقد اهتم بجيشه الذي كان الدعامة التي ساعدته على السيطرة على مقاليد الأمر طوال حكمه، فبلغ 100,000 جندي من المتطوعين إضافة إلى حرسه الخاص الذي بلغ 40 ألفا كما أنشأ في أواخر عهده عددا من قواعد بناء السفن في تركونة او طرطوشة وقرطاجنة وإشبيليا. كما بنى قصر الرصافة وأحاطه بالحدائق الزاهرة التي جلب لها الغروس والزروع والنوى التي لم تكن من قبل في الأندلسي من الشام وأفريقيا.
في عام 150 للهجرة أقام سورة قرطبة الكبير الذي حصنها. وفي عام 170 للهجرة أسس المسجد الجامع وأنفق على بنائه 100,000 دينار وكان المسلمون قد شاطروا أهلها كنيستهم العظمى فابتنوا فيها مسجدا ولما كثرت عمارتها ضاق على مرتاديه فابتاع الداخل الشطر الثاني من النصارى ب100,000 دينار فأسس عليها الجامعة وتمت أسواره، وأمر ببنائه على طراز المسجد الأموي في دمشق، وقد بلغت المساجد في عهده أربعمئة و90 مسجدا، كما أنشأ دارا لسك العملة تضرب فيها النقود بحسب ما كانت في عهد بني أمية وزنا ونقشا.
العلاقات الخارجية:
بعد أن فشلت حملة شارلمان على شرق الأندلس و هزيمة جيشه في معركة باب الشرزي دعاه إلى السلم وتوطيد العلاقة بين الدولتين فأجابه: قال عنه إبن حيان القرطبي" كان كثير الكرم عظيم السياسة يلبس البياض ويعود المرضى ويشهد الجنائز ويصلي بالناس في الجمعة والأعياد ويخطب بنفسه ونقش خاتمه بعبارة عبد الرحمن بقضاء الله راض. وقيل بالله يثق عبد الرحمن وبه يعتصم. كان وافر العزم والدهاء والحزم والصرامة شديد الحذر قليل الطمأنينة يقعد للعامة ويستمع منهم وينظر بنفسه فيما بينهم، ومن عاداته أن يأكل معه من أصحابه من أدرك وقت طعامه أو من وافق ذلك من طلاب الحوائج، كما كان لين الجانب مع النصارى وجعلهم رئيسا يسمى القمص يقيم إلى جواره في قرطبة ويستشيره في كثير من الأمور."
في عام 150 للهجرة أقام سورة قرطبة الكبير الذي حصنها. وفي عام 170 للهجرة أسس المسجد الجامع وأنفق على بنائه 100,000 دينار وكان المسلمون قد شاطروا أهلها كنيستهم العظمى فابتنوا فيها مسجدا ولماعرف عن عبد الرحمن حنينه لبلاد الشام وكان له شعر مشهور يعبر عن شوقه لربوع الشام التي نشأ فيها حيث قال:
أيها الراكب الميمم بأرضي ____ أقري من بعضي السلام لبعضي
إن جسمي كما علمت بأرض ____ وفؤادي ومالكيه بأرض
قدر البين بيننا فافترقنا ____ فعسى باجتماعنا الله يقضي.
توفي صقر قريش في 24 من ربيع الآخر عام 172 للهجرة، وترك 11 ولدا أكبرهم سلمان وهشام والمنذر ويحيى وسعيدة وعبد الله و كليبة ومن البنات تسعى ودفن في قصر قرطبة بعد أن صلى عليه ولده عبد الله وخلفه من بعده ولده هشام رغم أن أخاه سليمان كان أسن منه.